أخبار وتقارير

تفاصيل خاصة عن اعتقال السفير أحمد الحسني في مطار عدن

عدن – ماجد فريد

ما زال السفير السابق، والمعارض الجنوبي، أحمد الحسني، معتقلا، منذ فجر أمس، حين تمكنت مجموعة أمنية ملثمة، يعتقد أنها تتبع جهاز الأمن القومي، من الدخول إلى مدرج مطار عدن الدولي، وأعتقلت الحسني من داخل الطائرة، التي كان عائدا على متنها من الأردن برفقة كل من علي باعامر، ورائد المنصوب.

وقال أحد مرافقي الحسني لـ"لشارع" إن الملثمين قدموا إلى المدرج على متن ثلاث سيارات "هيلوكس"، وصعدوا إلى الباص الذي ينقل الركاب من الطائرة إلى صالة الوصول، واعتقلوا الحسني واقتادوه إلى جهة مجهولة.

وإذ أوضح المرافق أن خاطفي الحسني كانت لكنتهم غير جنوبية، أفاد بأنهم اعتقلوا الحسني قبل وصول الحافلة التي تقل الركاب من الطائرة إلى صالة الوصول. وذكر المرافق أن المسلحين اتجهوا بالحسني نحو البوابة الخلفية بالمطار.

وأكد مصدر يعمل داخل المطار لـ"الشارع" أن الخاطفين خرجوا من البوابة الخلفية للمطار، حيث كان في انتظارهم طقمان عسكريان، نافيا وجود أي مدرعات أو آليات عسكرية في المطار أثناء عملية الاعتقال. غير أن شهود عيان قالوا للصحيفة إن قوة من الجيش انتشرت في محيط مطار عدن الدولي قبل نصف ساعة من وصول الطائرة التي كانت تقل الحسني.

وأستغرب المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه. كيف تمكن هؤلاء الملثمون من الدخول إلى المطار. وقال: "يستحيل دخول مجموعة ملثمة إلى مدرج المطار، إلا إذا كانوا يتبعون جهاز الأمن القومي، ولديهم توجيهات رسمية بذلك".

وأفاد الصحيفة سكان محليون في "حي العريش" بأنهم شاهدوا دبابة تتمركز بالقرب من "جولة العريش" قبل الحادثة.

ووجهت أمس، اتهامات إلى محافظ عدن، وحيد رشيد، بالوقوف خلف عملية اعتقال السفير الحسني، بإصدار توجيهات اعتقاله قبل وصوله بساعات إلى مطار عدن. ولم يتسن "للشارع" التأكد من ذلك.

على صعيد ردود الأفعال، بعث المرصد الجنوبي لحقوق الإنسان (ساهر) رسالة إلى مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان بشأن قيام السلطات اليمنية باعتقال الحسني، بـ"شكل تعسفي".

وقال المرصد إن "الاعتقال يأتي في إطار الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات اليمنية بحق مواطني جنوب اليمن"، مشيرا إلى أن الحسني من القادة البارزين في الحراك الجنوبي المطالب بالاستقلال عن النظام اليمني الذي أجتاح أراضي الجنوب في حرب صيف 1994م، وقضى على الوحدة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي كانت أعلنت في مايو 1990م.

وطالب المرصد، في رسالته التي حصلت "الشارع" على نسخة منها، المفوضية العليا بالتدخل العاجل وسرعة التدخل لدى الحكومة اليمنية لإطلاق سراح الحسني، كون اعتقاله يخل بتعهدات الحكومة اليمنية تجاه المجتمع الدولي باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

من جانبه، حذر التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) في بيان أصدره أمس، من "أي مساس بحياة أمينه العام، أحمد الحسني"، وحمل الحكومة اليمنية"المسئولية الكاملة عن حياته".

وفيما أدن "تاج" عملية الاعتقال، التي أعتبرها "عملية قرصنة"، حمل الرئيس عبد ربه منصور هادي، ورئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة، ومحافظ عدنن وحيد علي رشيد، المسئولية الكاملة عن حياة السفير الحسني. وقال "إن مجاميع أمنية تتبع حكومة الوفاق" هي التي نفذت عملية الاعتقال.

وكان السفير احمد عبد الله الحسني قد نفى في اتصال هاتفي سابق، قبل عودته، أن تكون عودته تحمل أي أسباب سياسية أو أي صفقة مع نظام صنعاء كما أثير في عدد من المواقع الإعلامية، مؤكدا أن قرار عودته جاء ليساهم بحسب موقعه وعلاقاته بالجميع، ومن الداخل للتوافق الجنوبي ووحدة الصف الجنوبي.

وتأتي عودة الحسني في ظل التحضيرات الجارية لانعقاد مؤتمر جنوبي دعا اليه محمد علي أحمد في وقت سابق، وتجري التحضيرات له على قدم وساق ليضم كل أبناء الجنوب للخروج برؤية موحدة لجميع القوى السياسية وقيادات الحراك في مكوناتها المختلفة، والأطياف الاجتماعية الأخرى، دون استثناء أي طرف جنوبي قبل المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

والجدير ذكره أن السفير اللواء أحمد الحسني يعيش في المملكة المتحدة منذ منحته الحكومة البريطانية حق اللجوء السياسي منتصف العام 2006من ويعد من القيادات الجنوبية البارزة التي تعيش في الشتات، ومن قيادات الحراك الثوري الجنوبي في الخارج التي تطالب بفك الارتباط وتحرير واستقلال الجنوب عن العربية اليمنية.

وكان يرافق السفير الحسني أثناء عودته كل من علي باعامر مسئول صندوق الإغاثة الجنوبي، والإعلامي رائد المنصوب مسئول قسم الجرافيك في قناة "عدن لايف".

وكشفت للصحيفة مصادر رفيعة في الحراك الجنوبي أن اعتقال الحسني جاء بعد تهديدات تلقاها الحسني عبر اتصالات مجهولة قبل مغادرته بيروت تطالبه بعدم العودة إلى اليمن وإلا سيكون عرضة للاعتقال.

وربطت المصادر التهديدات التي تلقاها الحسني ومطالبته بعدم العودة بالمساعي الحثيثة التي يقودها تيار فك الارتباط، الذي يقوده الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، بين صفوف فصائل الحراك الجنوبي نحو لملمتها والمشاركة بمؤتمر جنوبي مزمع عقده في الأول من سبتمبر القادم.

ويرتبط السفير الحسني وحزبه التجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج" بعدد من فصائل الحراك الجنوبي، منها الفصيل الذي يعرف بـ"المجلس الوطني لتحرير واستقلال الجنوب" الذي يقوده الكاتب والروائي محمد علي شائف، إضافة إلى الفصيل الذي يعرف بـ"اتحاد شباب الجنوب"، وهما فصيلان يوصفان بالمهمين في الساحة الجنوبية الحراكية، ورغم أن الفصلين يعدان ضمن التيارات المنادية بفك الارتباط، على غرار المجلس الأعلى للحراك السلمي الذي يقوده البيض وباعوم، إلا أنهما غير منضويين ضمن المجلس.

وحسب مصادر قيادية في الحراك، فإن عودة الحسني مرتبطة وبدرجة أساسية ببذل جهود وصفت بالمهمة لانضمام الفصيلين المذكورين، إلى جانب المجلس الأعلى للحراك السلمي السلمي وفصائل أخرى، للمشاركة في عقد المؤتمر الجنوبي المزمع عقده أول سبتمبر.

وكان المجلس للحراك الجنوبي السلمي اصدر، صباح أمس، بيانا وصف بالهام، تلقت "الشارع" نسخة منه، أعلن فيه انتهاء تباينات في صفوف المجلس الأعلى للحراك، أكبر مكونات الحراك الجنوبي، أكد فيه موعد عقد المؤتمر الأول للمجلس الأعلى للحراك السلمي في الأول من سبتمبر القادم، وانتهاء تباينات حادة نشبت في صفوفه عقب لقاء المكلا الذي خرج بقرارات وصفت حينها بالانفرادية ولاقت رفضا من معظم قيادات الحراك وهيئاته.

وقالت مصادر متطابقة أن أفراد من اسرة الحسني تلقوا اتصالا من مصادر أمنية عاملة في مطار عدن تخبرهم بوجود تعميم من السلطات الأمنية في المحافظة يتضمن اعتقال الحسني فور وصوله.

وقال مصدر قيادي في الحراك، نقلا عن أحد مرافقي الحسني، أن عدد من رجال الأمن كانوا ملثمين قاموا باعتقال الحسني بعد نزوله من الطائرة مباشرة، بينما كان يستقل حافلة خاصة بالمطار مخصصة لنقل الركاب من سلم الطائرة إلى صالة الوصول في مبنى المطار، موضحا أن الاعتقال كان بطريقة "البلطجة" دون مراعاة لشخصية الرجل القيادية والدبلوماسية أو سنه.

إلى ذلك عقد المجلس الأعلى للحراك السلمي اجتماعا طارئا مساء أمس 16 أغسطس للوقوف أمام قضية اعتقال الحسني. وقال مصدر قيادي حضر اللقاء إن الاجتماع خرج بتشكيل لجنة سياسية قانونية لمتابعة الموقف، وسيتم نشر تفاصيل عمل اللجنة خلال الساعات القادمة.

وقال المجلس أنه سيتخذ مواقف تصعيدية وصفها بالقوية خلال الساعات القادمة في حال لم يتم الإفراج عن الحسني.

وشكل المجلس، لجنة برئاسة السفير السابق قاسم عسكر – أمين عام المجلس الأعلى للحراك السلمي- ستعلن ما توصلت إليه من حيثيات اعتقال الحسني، وتعلن خطوات تصعيدية وصفها بالقوية في حال لم يفرج عنه.

من جانبه أكد قاسم عسكر، في اتصال هاتفي اجرته معه "الشارع" مساء أمس، تشكيل اللجنة. وقال بأن هناك بيانا يتم اعداده من قبل مجلس الحراك، واللجنة السياسية والقانونية المشكلة لمتابعة القضية.

وأوضح عسكر أن الحراك سيدعو، في البيان، جميع هيئات الحراك في محافظات الجنوب ومدنه ومناطقه المختلفة، للتصعيد القوي لمواجهة هذا المستجد.

وحذر عسكر من وصفها بـ"سلطات الاحتلال" من مغبة الاستمرار في اختطاف السفير الحسني وإخفاء مكان اعتقاله، حتى لا يتجه الوضع نحو التصعيد، مشيرا إلى أن الوضع الذي انتجه اختطاف الحسني مرشح للتصعيد في الشارع الجنوبي.

وفيما قال أن "أصابع الاتهام في اختطاف السفير الحسني تشير إلى الأطراف المتصارعة على الحكم والنفوذ، اتهم التجمع اليمني للإصلاح بالوقوف خلف عملية الاعتقال.

وأضاف: "سواء كان لهم ضلع أم العكس" فسلطات الاحتلال في المحافظة، التي يقودها الإصلاح، عليهم أن يوضحوا موقفهم، لأنهم مسئولون عن الوضع في المحافظة، وتوضيح للرأي العام ما حدث، ومكان اعتقال الحسني، وسرعة الإفراج عنه، ما لم فهم الطرف المسئول عن اختطاف الحسني".

وتابع: "خصوصا أن إعلامهم – الإصلاح – وبالذات في عدن، دأب على الترويج لأخبار كاذبة عن الإفراج عن السفير الحسني، وقبلها كان يتهم نظام المخلوع صالح باختطاف الحسني".

وقال هناك أصابع اتهام تتجه نحو أطراف أخرى جنوبية ضمن الأطراف التي تحاول فرض وصايتها على الجنوب دون قوى الاستقلال وفك الارتباط مشاركة في اختطاف الحسني، وهي تحاول أن تستفيد من اعتقال الحسني لخلط الأوراق ضد مشروع الاستقلال وفك الارتباط وإدخال الأمور في دوامة.

وابدى عسكر مخاوفه من "ردود فعل شعبية في هذا الوقت، قال إنها "ستتحول إلى أعمال عنف قد لا يستطاع التحكم بها" مشيرا إلى "التوتر الواضح والكبير بين أنصار ومؤيدي الحراك الجنوبي والموالين للنظام، وخصوصا أعضاء وأنصار الإصلاح".

المصدر: صحيفة الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى